الثنائي "سبيل" وجون ويليامز: الموسيقى تتحول لحكواتي
فرعون :: اخر الاخبار
صفحة 1 من اصل 1
31032013
الثنائي "سبيل" وجون ويليامز: الموسيقى تتحول لحكواتي
الثنائي "سبيل" وجون ويليامز: الموسيقى تتحول لحكواتي
للموسيقى خصوصية ثقافية وتاريخية تجعل إيصالها إلى متلق من بيئة ثقافية
أخرى صعبا، فذائقة المستمع العربي تختلف عن ذائقة الأوروبي مثلا.
هذا ليس مقتصرا على الموسيقى، بل هو من خصوصيات الفن بشكل عام، ومنه الأدب، وخاصة الشعر.
وكانت المرة الأولى التي واجهت فيها اختبارا
لمسلماتي الثقافية حين سخر صديق مجري من قصيدة لمحمود درويش كان يلقيها،
مترجمة، ممثل مجري قدير، واتهم قصيدة "سجل أنا عربي" بالخطابية.
يومها أدركت أن كلمات القصيدة في حد ذاتها هي جزء
محدود من محتوى القصيدة الفاعل، أما الجزء الآخر، والأهم، فهو مرتبط
بالعلاقة بين كلمات وأجواء القصيدة من جهة، والوعي التاريخي والذائقة
الثقافية الجمعية للمتلقي من جهة اخرى.
وكانت هذه الخواطر تدور في ذهني وأنا استمع لعزف "الثنائي سبيل" مساء أمس في قاعة كادوغان في لندن.
أحسست أن عازف العود أحمد الخطيب وعازف الإيقاع
يوسف حبيش تمكنا من التقاط بعض عناصر الحس الموسيقي المشترك مع شعوب أخرى،
فجاءت معزوفاتهما تحمل، بالاضافة الى الهوية الثقافية/الموسيقية المحددة
لكليهما، سمات تخاطب الذائقة الموسيقية لمستمعي الثقافات الاخرى.
يوسف حبيش
أحيا حين يلتقط الموسيقي الملامح الوجدانية المشتركة مع مستمعي الثقافات الأخرى ويقدم من خلالها قصته المحلية جدا فهو بالتاكيد سيصل.
هذا ما نجح فيه ليلة الثلاثاء الثنائي سبيل، الذي
جاء الى لندن بهدف تسليط الأضواء على مشروعين موسيقيين فلسطينيين: المعهد
الموسيقي في غزة وبيت الموسيقى في شفا عمرو.
تأسس المعهد الموسيقي في غزة عام ٢٠٠٨ ، وفيه
يتعلم أطفال من غزة العزف على عدة آلات موسيقية منها العود والجيتار
والبيانو والقانون. مؤسسة القطان كانت وراء المشروع وهو يدار حاليا من قبل
"كونزرفاتوار ادوارد سعيد"،
الموسيقى كحكواتي
لعل المشترك في المعزوفات التي قدمها الثنائي
سبيل، الذي أصبح "ثلاثيا" بعد أن أنضم اليه عازف الجيتار العالمي جون
ويليامز في النصف الثاني من السهرة، هو أن معظم المعزوفات كانت عبارة عن
تجسيد موسيقي لحكاية ما، سواء تلك التي عزفت على العود مع الإيقاع،
أوالإيقاع منفردا، أو بمشاركة الجيتار.
كانت المعزوفة الأولى، التي أعقبت عزفا ارتجاليا
جميلا، مشروعا موسيقيا طموحا يحمل عنوان "الرحيل" وهو مكون من ثلاثة أجزاء
(حركات موسيقية)، الجزء الأول بعنوان "موسى" والثاني حمل عنوان "كنعان" أما
الثالث فكان عنوانه "نهران"، وهي، كما يتضح من العناوين، تطمح الى اختصار
أكثر من ثلاثة آلاف عام من التاريخ الفلسطيني في مقطوعة تدوم لبضعة دقائق.
كانت المقطوعة جميلة ومعبرة، لكن العنوان يهيء المستمع لانتظار ملحمة موسيقية، وهذا لم يحصل طبعا.
أحمد الخطيب
ثم كانت هناك نقلة مفاجئة من التاريخي الى الشخصي
فقدم يوسف حبيش مقطوعة ايقاعية أهداها الى طليقته، وحاول فيها أن ينقل
أجواء علاقة زواج استمرت تسعة أعوام، كما قال، من خلال الانتقال من الحركات
الرتيبة الى أجواء الصخب والتوتر، ومن ثم النهاية التي جاءت لتضع حدا لكل
الأجواء المتباينة، موسيقيا وحياتيا، بحركة مفاجئة وحاسمة.
واختتم الجزء الأول من الأمسية بمقطوعة تستعيد
أجواء رام الله أثناء الحصار الاسرائيلي لها، حين تحولت المدينة التي تعج
بالاضواء والحياة والصخب الى مدينة اشباح.
هنا ابدع يوسف حبيش في استنطاق أدوات ايقاعه لتنقل
أجواء الخوف والوحشة في المدينة، بينما نقل عود أحمد الأجواء النقيضة،
التي تصور حياة المدينة قبل الاجتياح.
من "الحمرا" الى "المينا"
ثم صعد الى المسرح عازف الجيتار البريطاني العالمي
جون ويليامز الذي قدم معزوفات كلاسيكية منفردة في البداية، بدأها بمعزوفة
"ذكريات من الحمرا" وهي معزوفة كلاسيكية من تأليف فرانسيسكو تيريغا، أعقبها
بمعزوفة كلاسيكية أخرى عنوانها "استورياس" من تأليف الموسيقار الاسباني
ايساك البنيز.
لم تشكل هذه المقطوعات نقلة مفاجئة في الاجواء،
فربما تعمد جون البقاء قريبا من أجواء الشرق باختياره لهاتين المقطوعتينن
اللتين اعقبتهما مقطوعتان من تأليفه.
يشرف على معهدي الموسيقى في غزة وشفا عمرو حاليا "كونزرفاتوار إدوارد سعيد"
ثم توجت الأمسية بأداء ثلاثي لمقطوعات من تاليف
أحمد الخطيب انضم اليها جيتار جون ويليامز في أداء يشي بأمكانية حوار
الثقافات موسيقيا بشكل جمالي وانسجام لم يحل دونه اختلاف طبيعة نوتات العود
عن تلك التي يستطيع الجيتار أداءها.
أدى الثلاثي ثلاث مقطوعات معا، لعل أجملها كانت مقطوعة "المينا" التي يستعيد فيها المؤلف ذكريات والده الراحل في مدينة حيفا.
كان أداء الجيتار والعود مكملين لبعضهما بشكل
جميل، فبينما قدم الجيتار إسنادا بنيويا اختص العود بنقل الأجواء الروحانية
والعوالم الداخلية التي لا مفر لتجسيدها من استخدام نوتات شرقية خالصة
ربما لا يستطيع الجيتار أداءها، وهي تلك التي تشبه الآهات والزفرات الحزينة
وتقترب من الحشرجات.
كانت الأمسية خير رد على طروحات صموئيل هنتينغتون
عن صدام الحضارات، حيث تجلت في هذا العرض الموسيقي أشكال جمالية للقاء
الحضارات في أجواء ابعد ما تكون عن الصدام.
للموسيقى خصوصية ثقافية وتاريخية تجعل إيصالها إلى متلق من بيئة ثقافية
أخرى صعبا، فذائقة المستمع العربي تختلف عن ذائقة الأوروبي مثلا.
هذا ليس مقتصرا على الموسيقى، بل هو من خصوصيات الفن بشكل عام، ومنه الأدب، وخاصة الشعر.
وكانت المرة الأولى التي واجهت فيها اختبارا
لمسلماتي الثقافية حين سخر صديق مجري من قصيدة لمحمود درويش كان يلقيها،
مترجمة، ممثل مجري قدير، واتهم قصيدة "سجل أنا عربي" بالخطابية.
يومها أدركت أن كلمات القصيدة في حد ذاتها هي جزء
محدود من محتوى القصيدة الفاعل، أما الجزء الآخر، والأهم، فهو مرتبط
بالعلاقة بين كلمات وأجواء القصيدة من جهة، والوعي التاريخي والذائقة
الثقافية الجمعية للمتلقي من جهة اخرى.
وكانت هذه الخواطر تدور في ذهني وأنا استمع لعزف "الثنائي سبيل" مساء أمس في قاعة كادوغان في لندن.
أحسست أن عازف العود أحمد الخطيب وعازف الإيقاع
يوسف حبيش تمكنا من التقاط بعض عناصر الحس الموسيقي المشترك مع شعوب أخرى،
فجاءت معزوفاتهما تحمل، بالاضافة الى الهوية الثقافية/الموسيقية المحددة
لكليهما، سمات تخاطب الذائقة الموسيقية لمستمعي الثقافات الاخرى.
يوسف حبيش
أحيا حين يلتقط الموسيقي الملامح الوجدانية المشتركة مع مستمعي الثقافات الأخرى ويقدم من خلالها قصته المحلية جدا فهو بالتاكيد سيصل.
هذا ما نجح فيه ليلة الثلاثاء الثنائي سبيل، الذي
جاء الى لندن بهدف تسليط الأضواء على مشروعين موسيقيين فلسطينيين: المعهد
الموسيقي في غزة وبيت الموسيقى في شفا عمرو.
تأسس المعهد الموسيقي في غزة عام ٢٠٠٨ ، وفيه
يتعلم أطفال من غزة العزف على عدة آلات موسيقية منها العود والجيتار
والبيانو والقانون. مؤسسة القطان كانت وراء المشروع وهو يدار حاليا من قبل
"كونزرفاتوار ادوارد سعيد"،
الموسيقى كحكواتي
لعل المشترك في المعزوفات التي قدمها الثنائي
سبيل، الذي أصبح "ثلاثيا" بعد أن أنضم اليه عازف الجيتار العالمي جون
ويليامز في النصف الثاني من السهرة، هو أن معظم المعزوفات كانت عبارة عن
تجسيد موسيقي لحكاية ما، سواء تلك التي عزفت على العود مع الإيقاع،
أوالإيقاع منفردا، أو بمشاركة الجيتار.
كانت المعزوفة الأولى، التي أعقبت عزفا ارتجاليا
جميلا، مشروعا موسيقيا طموحا يحمل عنوان "الرحيل" وهو مكون من ثلاثة أجزاء
(حركات موسيقية)، الجزء الأول بعنوان "موسى" والثاني حمل عنوان "كنعان" أما
الثالث فكان عنوانه "نهران"، وهي، كما يتضح من العناوين، تطمح الى اختصار
أكثر من ثلاثة آلاف عام من التاريخ الفلسطيني في مقطوعة تدوم لبضعة دقائق.
كانت المقطوعة جميلة ومعبرة، لكن العنوان يهيء المستمع لانتظار ملحمة موسيقية، وهذا لم يحصل طبعا.
أحمد الخطيب
ثم كانت هناك نقلة مفاجئة من التاريخي الى الشخصي
فقدم يوسف حبيش مقطوعة ايقاعية أهداها الى طليقته، وحاول فيها أن ينقل
أجواء علاقة زواج استمرت تسعة أعوام، كما قال، من خلال الانتقال من الحركات
الرتيبة الى أجواء الصخب والتوتر، ومن ثم النهاية التي جاءت لتضع حدا لكل
الأجواء المتباينة، موسيقيا وحياتيا، بحركة مفاجئة وحاسمة.
واختتم الجزء الأول من الأمسية بمقطوعة تستعيد
أجواء رام الله أثناء الحصار الاسرائيلي لها، حين تحولت المدينة التي تعج
بالاضواء والحياة والصخب الى مدينة اشباح.
هنا ابدع يوسف حبيش في استنطاق أدوات ايقاعه لتنقل
أجواء الخوف والوحشة في المدينة، بينما نقل عود أحمد الأجواء النقيضة،
التي تصور حياة المدينة قبل الاجتياح.
من "الحمرا" الى "المينا"
ثم صعد الى المسرح عازف الجيتار البريطاني العالمي
جون ويليامز الذي قدم معزوفات كلاسيكية منفردة في البداية، بدأها بمعزوفة
"ذكريات من الحمرا" وهي معزوفة كلاسيكية من تأليف فرانسيسكو تيريغا، أعقبها
بمعزوفة كلاسيكية أخرى عنوانها "استورياس" من تأليف الموسيقار الاسباني
ايساك البنيز.
لم تشكل هذه المقطوعات نقلة مفاجئة في الاجواء،
فربما تعمد جون البقاء قريبا من أجواء الشرق باختياره لهاتين المقطوعتينن
اللتين اعقبتهما مقطوعتان من تأليفه.
يشرف على معهدي الموسيقى في غزة وشفا عمرو حاليا "كونزرفاتوار إدوارد سعيد"
ثم توجت الأمسية بأداء ثلاثي لمقطوعات من تاليف
أحمد الخطيب انضم اليها جيتار جون ويليامز في أداء يشي بأمكانية حوار
الثقافات موسيقيا بشكل جمالي وانسجام لم يحل دونه اختلاف طبيعة نوتات العود
عن تلك التي يستطيع الجيتار أداءها.
أدى الثلاثي ثلاث مقطوعات معا، لعل أجملها كانت مقطوعة "المينا" التي يستعيد فيها المؤلف ذكريات والده الراحل في مدينة حيفا.
كان أداء الجيتار والعود مكملين لبعضهما بشكل
جميل، فبينما قدم الجيتار إسنادا بنيويا اختص العود بنقل الأجواء الروحانية
والعوالم الداخلية التي لا مفر لتجسيدها من استخدام نوتات شرقية خالصة
ربما لا يستطيع الجيتار أداءها، وهي تلك التي تشبه الآهات والزفرات الحزينة
وتقترب من الحشرجات.
كانت الأمسية خير رد على طروحات صموئيل هنتينغتون
عن صدام الحضارات، حيث تجلت في هذا العرض الموسيقي أشكال جمالية للقاء
الحضارات في أجواء ابعد ما تكون عن الصدام.
مواضيع مماثلة
» سيرينا ويليامز تفوز ببطولة ميامي وتحرز رقما قياسيا
» سيرينا ويليامز تفوز ببطولة ميامي وتحرز رقما قياسيا
» حبس 4 وإخلاء سبيل 26 من "الإخوان" 4 أيام على خلفية أحداث قرية برما
» سيرينا ويليامز تفوز ببطولة ميامي وتحرز رقما قياسيا
» حبس 4 وإخلاء سبيل 26 من "الإخوان" 4 أيام على خلفية أحداث قرية برما
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين أكتوبر 21, 2013 2:57 pm من طرف admin
» ارتفاع الأسعار بشمال سيناء لاستمرار اغلاق كوبرى السلام
الإثنين أكتوبر 21, 2013 2:49 pm من طرف admin
» طالبات الأزهر تتظاهر بكلية طب البنات
الإثنين أكتوبر 21, 2013 2:43 pm من طرف admin
» صلاة غائب على أرواح الطلاب الشهداء بهندسة القاهرة
الإثنين أكتوبر 21, 2013 4:21 am من طرف admin
» مصريون لـ"الجزيرة": مصر تستعد لما بعد السيسي.. والانقلاب يعيش اللحظات الأخيرة
الإثنين أكتوبر 21, 2013 4:20 am من طرف admin
» تجديد حبس 163 معتقلا من مويدي الشرعية في أحداث أكتوبر
السبت أكتوبر 19, 2013 9:47 pm من طرف admin
» الألتراس ينهون المسيرة بتهديد نهيا الاسبوع
السبت أكتوبر 19, 2013 9:45 pm من طرف admin
» اصمت وأصغي ثم فكر وتكلم
الجمعة أغسطس 09, 2013 12:29 am من طرف admin
» أريد رأيكم في هذا الاسم للمنتدى
الجمعة أغسطس 09, 2013 12:28 am من طرف admin